السعودية تقر موازنة 2026 بعجز مالي قدره 165 تريليون ريال أقل من عام 2025.. ماذا عن نيوم؟

صادقت المملكة العربية السعودية أمس الثلاثاء على الموازنة العامة للدولة لعام 2026، والتي بموجبها سيتم الإنفاق العام بقيمة 1.313 تريليون ريال، وهو ما يوازي (350.1 مليار دولار) بإجمالي إيرادات قدرها 1.147 تريليون ريال بما يساوي (305.8 مليار دولار)، وبعجز مالي قدره 165.4 تريليون ريال أي ما يوازي (44.1 مليار دولار)، مع التأكيد على الاستمرار في الإنفاق المرتفع للمشاريع الهادفة لتنويع مصادر الدخل الغير معتمدة على النفط.

وسيكون العجز في هذه الموازنة أقل من عجز الموازنة المالية لعام 2025 بنسبة 2%، لأنه بناء على الموازنة التي نشرتها وزارة المالية السعودية للعامين، فإن العجز في موازنة 2026 يكون بنسبة 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كان عجز موازنة 2025 هو 5.3%، وكان بقيمة 245 مليار ريال (65.3 مليار دولار).

ووجه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الوزراء والمسئولين بحسب بيان وزارة المالية السعودية، بالالتزام الفاعل فيما تضمنته الميزانية من برامج ومشاريع تنموية تساهم في تحقيق رؤية 2030، مع وضع المواطنين وخدمتهم في مقدمة الأولويات.

وزير المالية السعودي يعرب عن عدم قلقه من العجز في الموازنة

صرح وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، عشية الإقرار للميزانية المالية لعام 2026 بأنه غير قلق من العجز في الموازنة، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد السعودي نموا بنسبة 4.6% خلال عام 2026.

وتحدث وزير المالية السعودي عن ثلاثة ركائز أساسية، الأولى تناولت رؤية 2030 بشكل عام، وما تم فيها، والثانية هي ما تم إنجازه عام 2025 وعن أرقامها، والثالثة عن ما سيتم عمله في 2026 ويشمل ذلك الأرقام المالية والاقتصادية، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس بمناسبة إقرار الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية، قال الجدعان “إنه على الرغم من الإنفاقات على المشاريع والإستراتيجيات الكبرى إلا أن الحكومة لا تزال تركز على الخدمات الأساسية وتحسينها بما يحسن الخدمات المقدمة للمواطنين ومنها التعليم، والخدمات الاجتماعية، والصحة، وأيضا الخدمات البلدية، لتصل القيمة المالية للإنفاقات إلى 533 مليار ريال في عام 2026”.

وبين وزير المالية السعودي أن مرحلة تعظيم الأثر ستكون بداية العام القادم، وستتطلب الكثير من العمل سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى القطاع الخاص، مشيرا إلى أن ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بمناسبة إقرار الميزانية، تحدث بوضوح شديد عن ما تم إنجازه خلال السنوات العشر الماضية في رحلة رؤية 2030.

العجز في الميزانية يختلف بحسب استخداماته

وخلال المؤتمر الصحفي، أوضح الجدعان أنه تحدث العام الماضي وسيكرر الحديث هذا العام عن أن العجز في الميزانية يختلف بحسب استخداماته، وأشار وزير المالية إلى أنه بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فالعجز في تلك المرحلة والسنوات السابقة هو عجز استراتيجي مستهدف، ومبني على سياسة حكومية قدرت أنه باستطاعة اقتصاد المملكة أن تنفق لتحقيق الإنجازات وبناء المشاريع العملاقة حتى لو اضطررنا إلى الاقتراض، والهدف هو أن يكون الاقتراض محققا لعائد أعلى من تكلفته، وهذا ما يحدث في المملكة.

وأكمل الجدعان حديثه قائلا بأن النمو في الاقتصاد السعودي وبالأخص في الاقتصاد الغير نفطي، بلغ 5% في آخر أربع سنوات، وأن هذا النمو الحالي الذي يتم في أغلب النفقات سيأتي مردودها بعد سنوات وليس الآن، وسيكون من الجيد أن نستمر، وسيكون الاستمرار في الأعوام 2026، و 2027، و 2028، في زيادة الإنفاق، طالما أن العائد أعلى من تكلفة الاقتراض.

برئاسة سمو #ولي_العهد.. #مجلس_الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي (2026م).#ميزانية_السعودية2026 | #واس pic.twitter.com/h9Tau5Uqmf

— واس الأخبار الملكية (@spagov) December 2, 2025

وقال وزير المالية السعودي أن المواطن هو الهدف الأساسي واستشهد بكلام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشيرا إلى الدعم الذي يتلقاه المواطنين السعوديين في إطار برامج مختلفة ومتنوعة مثل برنامج “حساب المواطن” و “دعم ريفي”، وأوضح الجدعان أنها أمثلة بسيطة جدًا من الدعم الاجتماعي المقدم في عام 2025.

وتوقع الجدعان أن تصل المملكة إلى مستهدفات رؤية 2030 بنهاية عام 2030 أو قبل ذلك، وبين أن التحولات الهيكيلية التي شهدها الاقتصاد السعودي منذ انطلاق رؤية 2030 يصعب تحقيقه عادة في اقتصادات لفترة قصيرة منذ انطلاقها، سواء أكان ذلك في الاستثمار الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وتغيره بنسبة 40% في غضون فترة أقل من 8 سنوات منذ انطلاق التنفيذ الواقعي لرؤية 2030، لكن ذلك تحقق في المملكة، مما يدل على ثقة كبيرة جدًا من المستثمرين في الاقتصاد، موضحا أن ذلك بسبب مساهمة الأنشطة غير النفطية والمستوى الذي وصلت إليه ببلوغها 55.4%.

ونوه الجدعان إلى الفائض في الميزان التجاري لقطاع السياحة الذي استمر بنفس الزيادة، ففي منتصف عام 2025، جاءت الأرقام أعلى من أرقام الفترة نفسها في 2024، وبالتالي فإن العجز يتحول إلى فائض وهذا إنجاز يصعب أن يتحقق في أي بلد آخر.

الإيرادات الضريبية والمشاريع العملاقة

وعرّج الجدعان على الإيرادات الضريبية قائلا “إن جميع الإيرادات الحكومية- باستثناء رسوم الأراضي البيضاء- يتم إيداعها في الخزينة الموحدة بوزارة المالية من دون استثناء، وبعد ذلك تتم إعادة الإيرادات المخصصة إلى حساباتها المحددة.

ننشر أسعار البنزين والسولار الآن في محطات الوقود وبنزين 92 يسجل هذا الرقم

وضرب الجدعان مثالا بإيرادات الزكاة التي تودع في الخزانة العامة للدولة بوزارة المالية، ثم يتم تحويلها إلى حساباتها المخصصة لها والمحددة مثل (الضمان الاجتماعي بوزارة العمل – الشؤون الاجتماعية) ثم تتم تغطية أي فروقات من الحكومة بالإضافة إلى إيرادات الزكاة، وأما إيرادات الأراضي البيضاء فيتم توجيهها إلى تطوير قطاع الإسكان لتوفير احتياجات ودعم المواطنين والمواطنات.

وحول المبالغ التي يتم إنفاقها على التعليم والصحة، ذكر وزير المالية السعودي أن الإنفاق يتخطى 460 مليار ريال في العام القادم، وأكد على أن هذا لا يتعارض مع التخصيص، مشيرا إلى أن تخصيص منشأة مثل مستشفى، فهذا يعني نقل أصل من الأصول كان يقدم خدمات مجانية للمواطنين إلى القطاع الخاص، وهذا يستلزم وضع ميزانية لشراء الخدمة من هذا المستشفى لصالح الشعب السعودي.

وعن هيكلة المشاريع، قال الجدعان أنه عند التخطيط لفترة تمتد إلى 15 عام على سبيل المثال، فإنه يجب أن تكون هناك استعدادات للتفاعل مع جميع المتغيرات خلال هذه الفترة، وهذا يعني أن يكون هناك إمكانية لتقليص أحد المشروعات لصالح آخر بحسب الحاجة والتطورات.

مشاريع ولي العهد الإصلاحية

تشمل رؤية 2030 التي يسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى تنفيذها مشاريع تنموية عملاقة، ومن هذه المشاريع الإصلاحية “مدينة نيوم” المستقبلية الضخمة في الصحراء بمحاذاة البحر الأحمر، والتي تهدف إلى جذب السياح إلى المملكة العربية السعودية.

وعلى الرغم من الإقرار أكثر من مرة بأن مشروع “نيوم” وغيره من المشاريع العملاقة، يتم تمويلها من ميزانية منفصلة عن موازنة الدولة، وتحديدا يتم تمويلها من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، صندوق الثروة السيادي للمملكة، أكد وزير المالية أن الحكومة ستتخذ القرار المناسب دون تردد.

ونوه الجدعان إلى أن عائدات النفط انخفضت 14ٌ% في عام 2025 مقارنة بالعام الماضي بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي ووفرة المعروض على سوق النفط معظم فترات عام 2025، وهذا أدى إلى انخفاض أسعار النفط.